Slow Down
قد أكون بالفترة الأخيرة مقصرًا بحق أصدقائي المدونين، حيث قلت زياراتي لعالم المدونات ومتابعة ما يكتب فيها، فلذلك أستميحكم العذر. قد تكون عودة الأصدقاء من السفر ومن عطلة الصيف لها تأثير وربما انتعاش البورصة جزئيًا له تأثير، حيث اعتدت على زيارة المدونات في فترة الصباح التي كانت شبه خالية من أي عمل، وفي الفترة الأخير صارت نوعًا ما مملوءه!
لاحظت أيضًا ان بقية الأخوات والأخوة المدونين خفت كتاباتهم، فلا أدري هل هذه فترة ركود معتادة، خصوصًا مع إقتراب رمضان وربما مع الصيام تعود الصيحة والزحمة؟ وهل عدم وجود أحداث قوية على الساحة السياسية له تأثير على الركود؟
عمومًا إن شاء الله الجميع بخير ونشوف كتاباتكم ونرجع مرة أخرى للمتابعة الحميمة بأسرع وقت.
وقرة عينكم على رجعة الدكتور :)
Back to Politics: Liberalism in Kuwait?
Very intersting article for Aldeyen published in Alray Alaam on Monday, worth discussion.
بعد التحرير، وفي محاولة لتجاوز أزمة الاتجاهين القومي واليساري، وجد العديد من أفراد النخب الثقافية والسياسية الكويتية من المنتمين إلى هذين الاتجاهين في الليبرالية ملجأ بديلاً، خصوصاً أنّ الليبرالية برزت كفكرة «منتصرة» بعد سقوط الاتحاد السوفياتي!والملاحظة الأساسية أنّ كثيرين، في الكويت، ممَنْ انتقلوا فعلاً أو ادعوا الانتقال من مواقعهم القومية واليسارية السابقة إلى الاتجاه الليبرالي، أو مَنْ يُطلق عليهم هذا الوصف، لم يكونوا مطلعين بشكل كافٍ على الليبرالية كاتجاه فكري، واقتصادي، وسياسي، وتطورها التاريخي، وتناقضاتها... إذ كان انتقالهم سريعاً من دون نقد جاد ومعمّق لأفكارهم القومية أو اليسارية السابقة، التي تخلوا عنها، وإن لم يكونوا جميعهم قد تخلوا عنها، حيث اكتفى معظمهم بالتبرؤ الساذج منها وترديد الشعارات السطحية المناقضة لها، ولم يتفحصوا بدقة الاتجاه الفكري الجديد، الذي انتقلوا إليه، أو ادعو انتقالهم له، أو اتهِموا بذلك، وقليل منهم ربما قرأ عنه أو حوله، خصوصاً أنّ الليبرالية مصطلح ملتبس بعض الشيء عندما نتناولها من مداخل مختلفة فلسفية، أو اقتصادية، أو سياسية، وإن كانت بشكل عام تتركز حول فكرة التحرر... حيث اهتمت في البداية وفقاً لمفهومها التقليدي بتحرير التجارة «دَعه يمر... دَعه يعمل»... ولاحقاً انتقلت إلى المجال السياسي حيث قُرنت الليبرالية بالديموقراطية، وهما ليستا كذلك تماماً... ناهيك عما شهده الاتجاه الليبرالي في العالم من تغيرات في مواقفه الاقتصادية – الاجتماعية، فبينما كان الليبراليون يؤيدون سابقاً دولة الرفاه والحقوق النقابية، فإنهم منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين اتخذوا مواقف تدعو إلى تقليص ضمانات دولة الرفاه وتقييد النقابات، وأصبح الميل السائد ضمن الاتجاه الليبرالي هو الميل «الليبرالي الجديد» الداعي إلى: تعظيم الأرباح مع التخلي عن المسؤولية الاجتماعية لرأس المال، وإطلاق المنافسة من دون قيود أو حدود أو حماية، والخصخصة، وتصفية دور الدولة، والتحلل من الهوية والثقافة الوطنية!وهناك ملاحظة طريفة تسترعي الانتباه، وهي أنّ «الليبراليين» الكويتيين، في معظمهم، لم يطلقوا يوماً هذه التسمية على أنفسهم، كما لم يطلقوها على تجمعاتهم وكتلتهم النيابية، وإنما هي تسمية أطلقها عليهم منافسوهم وخصومهم، أو اسبغتها عليهم الصحافة، وربما كان هذا إقرارا مسبقاً وصحيحاً بأنّ معظمهم ليس ليبرالياً ولم يَدَّعِ ذلك أصلاً، أو هي محاولة تجنب الملابسات، التي يحملها هذا المصطلح اللاتيني الأصل!وفي الوثائق الأساسية للتنظيمات القائمة، وعلى أرض الواقع والممارسة السياسية، نلاحظ أنّ هناك من جهة فارقاً بين الميل العام لدى «التجمع الوطني الديموقراطي»، الذي ينحو إلى «الليبرالية الجديدة»، وبين «المنبر الديموقراطي»، الذي لا يزال في وثائقه البرنامجية يتمسك بتوجهاته التقدمية العامة، ولا يقر تماماً التوجه «الليبرالي الجديد» خصوصاً في الميدان الاقتصادي – الاجتماعي، كما نلاحظ من جهة أخرى أنّ بعض قياديي «المنبر الديموقراطي» ونشطائه يحمل ميولاً «ليبرالية جديدة»، وهذا ما انعكس على الخطاب السياسي والبرلماني للمنبر فترة من الوقت، وذلك على خلاف توجهات وثائقه البرنامجية والطبيعة الشعبية لقواعده الاجتماعية تاريخياً، بحيث أصبح الأمر مادة للصراع الداخلي منذ نهاية العام 2000 مع «التيار الشعبي» داخل المنبر في الموقف تجاه قضايا الخصخصة، والرسوم على الخدمات، وحقول الشمال، وقانون التأمينات الاجتماعية، والمنظور الإسكاني، أولوية الإصلاح الاقتصادي، وكلفته الاجتماعية!وتبقى أخيراً ملاحظة جديرة بالتوقف أمامها وهي أنّ الخطاب السياسي الانتخابي لمرشحي المنبر، وتحديداً خطاب مرشحَيه الأستاذين عبداللّه النيباري ومحمد عبداللّه العبدالجادر في المعركة الانتخابية الأخيرة اتسم بشكل عام بالنفس الشعبي التقدمي، وهذه قد تكون بداية «عودة الوعي» أو «عودة الروح» إلى «المنبر الديموقراطي»... أما «التجمع الوطني الديموقراطي» فلم يكن له حضور واضح في الآونة الأخيرة، وإن كان في الغالب لا يزال محافظاً على توجهاته «الليبرالية الجديدة» ولكن من دون أن يسميها كذلك!وللحديث صلة...
رحلة إلى الماضي
في مثل هذا الجو الحار من شهر أغسطس، قبل ستة سنوات، كانت عجلات سيارتنا تدور على ذلك الشارع المتلهب من أشعة الشمس، تاركين مدينة سافانا ومتجهين إلى ميامي، على طريق - I-95 South - السماء الزرقاء الصافية والشمس الحراقة، من شدة الحر كان الطريق المستقيم يرينا السراب من بعيد، وكلما اقتربنا منه ابتعد عنا. كنا قد انطلقنا من منزلنا في الخامسة فجرًا، في رحلة لم نخطط لها ولم نفكر بها إلا بعد الثانية عشر من بعد منصف الليل، هي رحلة كغيرها، تبدأ الرحلة قبل الإنتهاء من التخطيط لها، فكم كانت سهلة الحياة وكم كنا أسهل.
طريق الآي 95 ساوث كعادته دومًا، يغذي الروح بالتفاؤل وبالحياة، فهذا الطريق لا ينتهي إلا بمدينة ميامي الساحلية، حيث تتعانق أشجار جوز الهند على المحيط الأطلسي، وما بين تلك الأشجار وذاك المحيط، تتخطرف تلك الإناث الجميلات وقد بانت عليهن آثار شمس ميامي الحارقة، الإناث في ميامي دومًا هن في أقصى حالات الإثارة! تبدأ هذه الصور الرائعة بالمرور بمخيلتي وأنا مسترخي على المقعد، مستقبلا هواء المكيف البارد.
ماهي إلا بضعة أميال وندخل ولاية فلوريدا، وتظهر لوحات التوديع من ولاية جورجيا، ولاية الخوخ، وبعدها يظهر الإعلان الكبير – Welcome To Florida - يظهر الإعلان ومن حوله صور البرتقال، فهي كما يسميها أهلها بولاية البرتقال، وسميت بهذا الإسم لأنها أول منطقة في أمريكا زرع بها البرتقال، وانتجت برتقال فلوريدا الليذيذ، وما إن دخلنا الولاية حتى توقفنا عند مركز الترحيب في ولاية فلوريدا، حيث يتوقف زائروا الولاية عنده للإستفسار عن الطرق وكيفية الوصول للمدن التي يقصدون، وفلوريدا هي من ولايات الجنوب أو ما يعرف بـ - Red Nicks - الرقاب الحمر، وهم معروف بكرمهم وبساطتهم، إضافة إلى عنصريتهم، وإضافة إلى تلك الخدمات التي يقدمها المركز، قدموا لنا عصير البرتقال الطازج، حتى نشعر ونتذوق ولاية فلوريدا.
الطريق لا يزال طويلا، ومزارع سانكست لأشجار البرتقال صار منظرها مكررًا، ولا يزال أمامنا أكثر من 260 ميلا للوصول إلى ميامي، وبطبيعة الحال، إنتهت المواضيع التي كنا نتسلى بها خلال الساعات الماضية، كما أن هناك مواضيع، نحاول عدم الخوض بها والحفاظ عليها، لطريق العودة، فكان السكون يخيم على الوضع، يتخلله صوتٌ خافت لوديع " روحي سبئي نجوم السما، ياما الحلا فيكِ احتما، وألبي إرتما بحضني إرتما"، وأضع سيجارة أخرى بفمي، وأنزل الشباك قليلا، قبل أن آتي بولاعتي لأشعل السيجارة، فيخرج دخان أول نفخة كثيفًا كعادته.
ولكني لا أجد سوى نفسي لا شعوريًا أضغط على كابح السيارة، لأخفف عن السرعة، فعقلي الباطن تعود على تخفيف السرعة قبل الإقتراب من كاميرا الدائري الرابع على طريق الفحيحيل، فتبددت الذكريات الجميلة، وتبسمت للدنيا، فما عدنا بأمريكا، ولسنا مسافرين من
سافانا إلى
ميامي، بل عائدًا من
قاصد خير إلى المنزل.